فالتعرف على الصور ومكبرات الصوت الفطنة والسيارات ذاتية التقدم جميعها صارت ممكنة جراء القيادة في الذكاء الاصطناعي (AI)، والذي يُعرَّف بأنه “تمكُّن الإطار على شرح المعلومات الخارجية بأسلوب صحيح والتعلم من تلك المعلومات واستخدام هذه المعارف”

وقد أُنشئ بكونه تخصصًا أكاديميًا في الخمسينيات من القرن السالف، وقد إستمر الذكاء الاصطناعي ميدانًا من عدم الوضوح العلمي النسبي والاهتمام العملي لأكثر من 1/2 قرن، واليوم وبحافز وجود المعلومات الهائلة والتنقيحات في قوة الحوسبة دخل الذكاء الصنعي مناخ الأفعال إلا أن وحتى الحياة العامة.

يمكن فهرسة الذكاء الاصطناعي إلى ذكاء مُصتنع تحليلي أو ذكاء مُصتنع مستوحى من الإنسان أو ذكاء مُصتنع متوافق مع الإنس اعتمادًا على أشكال الذكاء الذي يظهره (الذكاء المعرفي والعاطفي والاجتماعي) أو إلى الذكاء الاصطناعي الضيق أو الذكاء الاصطناعي العام أو الذكاء الفائق.

ومع هذا تشترك تلك الأشكال في أنه حالَما يبلغ الذكاء الاصطناعي إلى الاستعمال السائد فإنه لم يحتسب يحتسب في عديد من الأحيان ذكاءً، وتووصف تلك الظاهرة بنفوذ الذكاء الاصطناعي والذي ينشأ وقتما يستبعد المتفرجون سلوك برنامج الذكاء الاصطناعي بالقول إنه ليس ذكاءً حقيقيًا. مثلما أفاد كاتب التهيؤات العلمي الإنجليزي آرثر كلارك ذات مرة “أي تكنولوجية متطورة بما يكفي غير ممكن مفاضلتها عن السحر، إلا أن وقتما يدرك المرء التكنولوجية يختفي السحر

وفي مدد منتظمة منذ الخمسينيات من القرن السابق تنبأ المتخصصون أن المسألة سيستغرق بضع أعوام فحسب حتى نصل إلى الذكاء الاصطناعي العام – ويهدف بالذكاء الصنعي العام الأنظمة التي تُإتضح سلوكًا غير ممكن مفاضلته عن الإنس في كل الجوانب وتمتلك ذكاء معرفي وعاطفي واجتماعي – إلا أن إن الدهر فحسب هو من سيحدد ما لو كان ذاك محتملًا بشكل فعلي.

ومن الممكن للمرء أن ينظر إلى الذكاء الاصطناعي من زاويتين – الطريق الذي تم قطعه فعليا والطريق الذي ما زال أمامنا – وفي تلك الافتتاحية نهدف إلى القيام بهذا تحديدا، إذ سننطلق بالنظر في ماضي الذكاء الاصطناعي لنرى إلى أي دومين تقدم ثم البصر في تطوره في الزمن الجاري لإدراك التحديات التي تجابهها المؤسسات اليوم، وأخيرًا البصر إلى المستقبل لمساعدة الجميع على التأهب للعوائق والمجابهات التي تنتظرنا.

إنجاب الذكاء الصنعي
بصرف النظر عن صعوبة تحديدها باهتمام فمن الجائز أن ترجع جذور الذكاء الاصطناعي إلى الأربعينيات وعلى وجه التحديدً عام 1942 حالَما عرَض كاتب التهيؤات العلمي الأمريكي إسحاق أسيموف روايته القصيرة Runaround. إذ تدور حبكة Runaround عن رواية عن إنسان آلي طوره المهندسان Gregory Powell وMike Donavan ووضعوا فيه القوانين الثلاثة للروبوتات

لا يؤذي الربوت إنسانًا أو يتيح للإنسان القيام بأذية ذاته
يلزم أن يتعهد الإنسان الآلي بالأوامر الصادرة عن الإنس سوى إذا كانت تلك التعليمات تتضاد مع التشريع الأضخم
يقتضي أن يحافظ على الإنسان الآلي وجوده ما دام أن تلك الدفاع لا تتضاد مع القانونين الأضخم أو الـ2.
وقد ألهم عمل Asimov أجيالًا من العلماء في ميدان الروبوتات والذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب من ضمنهم العالم المعرفي الأمريكي مارفن مينسكي الذي ساهم لاحقًا في تشكيل مجرب MIT AI.

في الوقت نفسه تقريبًا إلا أن على في أعقاب زيادة عن 3000 قابلية عمل عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينج على قضايا وهمية أصغر بشكل أكثر وطور ماكينة لكسر الشفرة تدعى The Bombe للحكومة الإنجليزية من أجل فك شفرة Enigma التي يستعملها القوات المسلحة الألماني في الموقعة الدولية الثانية.
وتحتسب The Bombe التي كان حجمها نحو 7 × 6 × 2 رِجلًا وقد كان وزنها بحوالي طن أول حاسب الي كهروميكانيكي يعمل على العموم، والكيفية التي إستطاعت بها The Bombe من كسر كود Enigma “وهي وظيفة كانت مستحيلة في السالف حتى لأفضل علماء الرياضيات البشريين” جعلت تورينج يتساءل عن ذكاء مثل تلك الآلات. وفي سنة 1950 عرَض مقالته اللازمة “آلات الحوسبة والذكاء” إذ نعت وتصوير أسلوب وكيفية إستحداث آلات ماهرة وأسلوب وكيفية امتحان ذكائها. وما يزال امتحان تورينج ذلك يُعتبر اليوم مقياسًا لتحديد ذكاء النسق الاصطناعي، فلو كان الإنسان يتفاعل مع إنسان أجدد وآلة وغير باستطاعته أن مفاضلة الماكينة عن الإنسان فيُصرح لديها إن الماكينة ماهرة.

عقب ذاك تم بلوَرة كلمة الذكاء الاصطناعي رسميًا عقب بحوالي ست أعوام وقتما استضاف مارفن مينسكي وجون مكارثي (عالم الحاسوب في ستانفورد) في سنة 1956 مشروع دارتموث الصيفي لأبحاث الذكاء الاصطناعي (DSRPAI) الذي ظل ثمانية أسابيع تقريبًا في كلية دارتموث في نيو هامبشاير، وقد وقفت على قدميها تلك الورشة التي تعتبر مطلع ربيع الذكاء الاصطناعي والتي مولتها شركة روكفلر بجمع أولئك الذين سيعتبرون في حين عقب الآباء المؤسسين للذكاء الاصطناعي. وقد كان من ضمن المساهمين عالم الحاسوب ناثانيال روتشستر الذي صمم لاحقًا IBM 701 – أول حاسب الي علمي تجاري – وعالم الرياضيات كلود شانون الذي دشن نظرية البياناتإذ كان المقصد من DSRPAI هو جمع شمل المفتشين من متباين الميادين بهدف تشكيل ميدان بحث حديث يصبو إلى تشييد آلات باستطاعتها أن محاكاة الذكاء الآدمي.

تأرجح دفة التقدم
شهد لقاء دارتموث فوزًا ضخمًا في ميدان الذكاء الاصطناعي، وأحد الأمثلة المبكرة على هذا هو برنامج الحاسوب المشهور ELIZA الذي تم إنشاؤه بين عامي 1964 و 1966 على يد جوزيف وايزنباوم في معهد ماساتشوستس للتقنية. إذ كانت ELIZA وسيلة معالجة للغة الطبيعية باستطاعتها أن محاكاة دردشة مع إنسان وأحد البرامج الأولى القادرة على مسعى تجاوز امتحان تورينج المشار إليه بالأعلى. وهنالك رواية تفوق أخرى في الأيام الأولى للذكاء الاصطناعي هي برنامج حل المشاكل العام General Problem Solver الذي طوره هربرت سيمون الحائز على جائزة نوبل، مثلما كان ثمة العلماء في شركة RAND كليف شو وألين نيويل الذين كانا بِاستطاعتهم أن حل صنف محدد من المشكلات البسيطة مثل أبراج هانوي.

وفي سنة 1970 أجرى مارفن مينسكي مواجهة مع جريدة Life Magazine ذكر فيها أنه يمكن تحديث ماكينة تتلذذ بذكاء عام للإنسان البسيط إبان ثلاث إلى ثماني سنين.

ومع ذاك للأسف لم يكن ذاك هو الوضع، فبعد ثلاث أعوام فحسب في سنة 1973 بدأ الكونجرس الأمريكي ينتقد بقوة الإنفاق المرتفع على بحوث الذكاء الاصطناعي. وفي نفس العام عرَض عالم الرياضيات الإنجليزي جيمس لايتيل توثيقًا بتكليف من مجلس بحوث العلوم الإنجليزي إندهش فيه عن التنبؤات المتفائلة التي قدمها باحثو الذكاء الاصطناعي، وتحدث لايتيل أن الآلات لن تبلغ سوى إلى درجة ومعيار “الهواة المتمرسين” في ألعاب مثل الشطرنج وأن التفكير المنطقي سوف يكون مستديمًا فوق إمكانياتهم. ورداً على ذاك أتمت إدارة الدولة الإنجليزية مساندتها لأبحاث الذكاء الاصطناعي في مختلف الجامعات ماعدا ثلاث جامعات (إدنبرة وساسكس وإسيكس) وعاجلا ما اتبعت إدارة الدولة الأمريكية السُّلطة الإنجليزية في خطاها.

 

الذكاء الاصطناعي AI بين المنصرم والجاري